ترئسا صلاة الجمعة العظيمة تحدث الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان عن المسيح مؤكدا أنه ليس شخصية مجردة أو فكرة فلسفية، كما وشدد على أن موت يسوع هو دعوة لنا للعودة إلى الذات.
ترأس بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو صلاة الجمعة العظيمة، وذلك في حدائق البطريركية بسبب التعليمات الجديدة للحجر الصحي وتفشي وباء كورونا حسب ما ذكر الموقع الإلكتروني للبطريركية الكلدانية. ونقل الموقع كلمة غبطة البطريرك وعنوانها: المسيح ليس شخصية مجردة أو فكرة فلسفية، بل إنه شخص حي يحمل قضية. وهذا ما قال الكاردينال ساكو:
علينا أن نتجنب تقديم الله عن طريق اختزاله في مفاهيمنا وتصوراتنا…
المسيح ليس فكرة مجردة أو شخصية تاريخية، بل أنه شخص حي، لا يزال حاضراً بيننا بأشكال متنوعة. حمل المسيح قضية الناس – رسالة “لتكون لهم الحياة وبوفرة” (يوحنا 10/10). عاش ومات من أجلهم…
هذا الاحتفال هو تأمل واستذكار لصلب المسيح وموته ودفنه التزاماً بمن أحبهم للغاية، لكنه لم يبق أسير القبر، بل أقامه الله الآب لأمانته الى النهاية، ورفعه اليه ممجداً، لذلك ترتبط الجمعة العظيمة باحتفالات عيد القيامة.
حكمت السلطة البشرية الدينية والمدنية على يسوع بالموت لأنه قال الحق وسعى لجعل حياة الناس أكثر جمالاً وفرحاً وكرامةً. هذا ما لم يرق لها فحكمت عليه بالصلب. من المؤسف أن عناوين الناس العلنية شيء وسلوكهم شيء آخر، لايوجد ضمير حي ولا تناغم حقيقي في داخلهم، فيصيرون صدى لصوت الأقوياء – الفاسدين ويختفي صوتهم.
بحسب الأناجيل، حُكم على المسيح بالموت مصلوباً، وخرج حاملاً صليبه من دار الولاية الرومانية (الوالي بيلاطس البنطي) الى تلة الجلجة. لم يستطع استكمال الطريق بسبب الجلد بالسوط والاهانات وتاج الشوك على رأسه، فسُخِّر سمعان القيرواني لمساعدته على حمل الصليب. وروَت الأناجيل صلبه مع لصين وحواره معهما ثم مع أمه وتلميذه الحبيب، واستهزاء المارة ثم موته واقتسام ثيابه. يا للعار!
بالرغم من كل التصريحات الرسمية باحترام حقوق الإنسان وكرامته كاملة وسيادة الشعوب، نشاهد البشرية اليوم مسحوقة بثقل الشر والظلم والفساد: عنف وإرهاب وحروب، وفقر وبؤس، وتشرد، وهجرة، وجائحة كورونا الفتاكة.
موت يسوع دعوة لنا للعودة إلى الذات، وصوته يبقى ينادي كل ذوي الإرادة الصالحة لعمل شيء من أجل إنهاض الناس “لتكون لهم الحياة وبوفرة”. أليست خطيئة جسيمة عندما نحكم على الناس الأبرياء زوراً أو عندما نتهرب مثل بيلاطس من مسؤولياتنا تجاه الحق والعدالة والمساواة؟
لنسأل: أين صار التزامنا بقيم ايماننا وثوابت أخلاقنا المسيحية. أين التزامنا الايماني اليومي في اتِّباع يسوع في طريق خدمة المصالحة والمحبة والعدالة والسلام؟
ما من طريق يقود الى الحياة إلا طريق المسيح. فهو وحده يقود مَن يسلكه الى عيد الحياة والسعادة. فحبة الحنطة التي ألقيت في الأرض تعطي الحياة بوفرة (يوحنا12/ 24-26). يسوع هو حي لأن الله المحبة هو الحياة: فكما أنه لم يترك إبنه خاضعاً لسلطان الموت، كذلك لن يتركنا نحن بناته وأبناءه في وادي ظلال الموت. علينا أن نتعزّى بأن الله يجتذبنا الى الحياة الكاملة بيسوع ومعه وعلى دربه.
لنصلِّ هذه الأيام من أجل السلام والاستقرار في بلدنا والمنطقة والعالم، ومن أجل أن تنهض الانسانية من كابوس جائحة كورونا متعافية، ويغدو عالمنا أسلم وأنظف.